تدخل الكويت مرحلة جديدة في تاريخها بعد إقرار الخطة الخمسية للدولة، ، مرحلة ركود و تغيرات لم تشهدها من قبل، لكن لا شك ان في المرحلة المقبلة ستشهد تجاذبات طبيعية بين السلطتين حول تطبيق الخطة وعناصرها، إلا وأن وجود خطة يعطى مصداقية ومرجعية لكل ما ممكن ان يحصل. تعد الخطة الخمسية هي الأولى منذ ثلاث وعشرين عام، مما يعني انها مسودة لمرحلة جديدة. فمنذ زمناً ليس بالقصير ونوابنا يطالبون بالخطة و بالتنمية والتطوير، وبما ان بدأت عجلة التنمية بالدوران بإقرار الخطة، فلا يسعنى كشعب ونواب إلا أن نلتفت إلى أمور أخرى، ولعل اهمها في نظري رفع سقف الحريات العامة في البلد.
في عام 1787 إجمتع ممثل 12 ولاية أمريكية لصياغة دستور جديد للولايات المتحدة الأمريكية إلا أنهم لم يفضوا الإجتماع إلا بعد موافقة مبدأية على تقديم إضافات بعد عام من المصادقة على الدستور، فصادقت الولايات ال12 على الدستور في 1788 وفي عام 1789 قدم جيمس مادسون عشرت إضافات وافق عليها مجلس الشيوخ عرفت بالbill of rights، وتنص هذه المواد العشر على صون الحقوق الأساسية لجميع أفراد المجتمع الأمريكي. و الأهم من ذلك وضعت هذه القوانين العشر الحقوق الفردية بعيداً عن متناول اي جدل قانوني قد ينشب مستقبلاً وأبطلت أي خلاف حول حرية التعبير عن الرأي أو حرية العقيدة.
يواجه وزير الاعلام تصويت على طرح الثقة من بعد إستجوابه حول تطبيق قانون المرئي والمسموع، وتسارع النواب بتأيدهم الاستجواب وتفواتهم على طرح الوحدة الوطنية ضاربين حقوق الإنسان في التعبير عن رأية بعرض الحائط.
واجب الحكومة في تطبيق القوانين أمر لا خلاف عليه، إلا أن الخلاف هنا حول تقيد حرية التعبير عن الرأي بقوانين، كقانون المرئي والمسموع وقانون المطبوعات. فتنص المادة 36 من دستور الكويت على حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة, ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، إلا أن في المادة جزيئة أشبه بحصان طارودة وهي التي تنص بأن تكون هذه الحرية مقيدة بما ينص عليه القانون،وإن هذه الجزيئة هي التي سببت لنا كل الخلافات والمشاكل حول حرية التعبير عن الرأي، فمنع الكتب وقمع الأراء ومنع زوار الكويت نابع من هذه الجزيئية الصغيرة، ولعله حان الوقت للتلخي عن الجزيئة وصياغة قاونين أكثر وضوحاً، قوانين تضع الحقوق والحريات الشخصية بعيداً عن اي محل خلاف سياسي تماماً كما فعلت الاضافات في الدستور الأمريكي. ولكن التخلي عن هذه الجزئية لا يعني إباحة السب والقذف و التعدي على الأخرين.
إنني أضن أنه في الإستجواب المقدم فرصة للنواب لمعارضة القانون ومناقشته مناقشة جدية تظهر ابرز عيوبه وأبرزها تعارضه مع المادة ال19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي لا تقيد حق التعبير بمواقع جغرافية ولا قوانين موضعية. كون القانون مقر أو مصدق عليه لا يعني بالضرورة انه قانون صحيح وعادل. فالمطلوب والواجب علينا ككويتين فك القيود عن الحريات الشخصية لتكتمل ديموقراطيتنا، وأما واجب نوابنا الأفاضل فهو بالإمتناع عن التصويت في طرح الثقة على الوزير بسبب عدم الاقتناع بقوانين تقيد الحريات.
2 comments:
كلام جميل فعلاً، ومطالبة مشروعة يود كل من وضع لحرية التعبير أي تقييم أن تتحقق
ولكن - للأسف هناك هذه الـ "ولكن" التي تأتي دائماً لتعيق المسير - لكي ترفع سقف حريات التعبير لابد أن تخلع مسامير النصوص الربانية التي تثبته. وهذا من الصعوبة البالغة، إن لم يكن من الإستحالة، في المناخ السائد حالياً على الأقل، تحقيقه. فيبقى ذلك الصراع المستمر بين القوى التي تحاول رفع السقف وتلك التي تظل جاثمة عليه تطرق المزيد من المسامير على أطرافه لكي لايتزحزح. وطالما أن موازين القوى المتضادة تميل لصالح النص فمناداتنا ينطبق عليها مقولة
"مثل اللي يطوطي بجليب"
تحياتي
Post a Comment