Thursday, January 27, 2011

اين انتم من التعذيب


يقولك هناك في المديرية، يايبين لهم ربطة خيازرين ومنقعينهم في ماي وملح، وهذا الغشاش بطقونه على بطنه وظهره

الراحل عبدالعزيز النمش في مسلسل درب الزلق-



لا أزال أقف مذهولا أمام مواقف بعض الأساتذة الليبراليون في الكويت وخصوصا بعد ما شهدته الساحة من إنتهاكات لحقوق الإنسان توجت أخيرا في وفاة مواطن لما ألحقه به جهاز المباحث من تعذيب جسدي أودى بحياته دون أن يمثل أمام القضاء ودون أن توجه له تهمه، كما أنه في حادثه أخرى تم حجز و تعذيب مواطن أمريكي من أصول صومالية في السجون الكويتية وبمباركة من الحكومة الأمريكية ...



ففي الأمثلة التي ذكرتها إنتهاكات عظمى لأساسيات الليبرالية فهناك تعذيب، والحبس دون توجيه تهمة وحرمان المتهم من المثول أمام المحكمة وحرمانه من حقه في الإستشارة القانونية كما أنه في قضية المواطن الأمريكي تدخل دولة في شؤون أخرى وزعزعة سيادتها



ولكن النقطة الأهم هي في قضية التعذيب والذي هو بالمناسبة ممنوع بحكم المادة ٣١ من الدستور والتي تنص على أنه " لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون ولا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة" ولاحظ أخي في الليبرالية أن خص الدستور في أن لا يشمل جزئية التعذيب مع باقي المادة التي تخضع للأحكام القانون، بل أجزم الدستور على أن تعرض الإنسان للتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة لا يجوز ولا يخضع للثغرات الدستورية والقانونية... إلا وأنه من المؤسف أن ثقافة التعذيب متأصله في مجتمعنا الكويتي سواء كانت في مسلسلاتنا الكوميدية أو من خلال تسليمنا بواقع أجهزة أمن الدولة والمباحث ودورهم في الهيكل السياسي للبلد.



إلا أنه يبدو لي أن التسليم بالواقع والتأقلم مع الوضع العام أصبح من سمات الليبراليون الكويتيون فإتباعا لنهج “اترك العجل تسير” و”المجلس يعطل التنمية” وإضافة “مو سرقة بس تنفيع” مؤخرا لهم... أصبح اليوم يضيف البعض “دعوه ينظف الوزارة دامه قال اسف” وإنه في ذلك مؤشر خطير في إبتعاد التيار الليبرالية عن أساسياته و إنجرافه وراء مصالح أخرى... كما أنه عرف عن التيارات الليبرالية عموما مواقفها الواضحة من إنتهاك حقوق الإنسان إلا وأنه في صمت تلك الأصوات عن ما يحصل من إنتهاكات دستورية وإنسانية لا يعرف إلا بالكارثة أو بالنكسة الليبرالية !



إن كان يخشون أساتذتنا من إنتقاد الحكومة أو مواجهتها فهناك طرق أخرى للوصول للمبتغى الليبرالي، كإدانة التعذيب ومناقشة فكرة التعذيب المتأصلة في اذهان الكويتين، فالإصلاح في أمر مثل التعذيب لا يقتصر على المواجهة السياسية بل هناك أيضا شق ثقافي... وذلك أضعف الإيمان



ولا يسعني إلا في أن أقول بأن السكوت عن الغلط غلط أكبر...وإنني لا أعلم من أناشد من أساتذة الليبرالية إلا وأنني مؤمن بأن ثورة الياسمين أعادت فيهم ذكريات الزمن الجميل..








Sunday, January 23, 2011

مقال جميل من زميل مبتدأ

مقال جميل حول الثقافة السياسية
عند الأخ زاهد

مدونة هوامش

مدونة زميلة حديثة الولادة

والله ولي التوفيق

Monday, January 10, 2011

أين ذهب الليبراليون؟



انتهيت مؤخرا من قراءة كتاب بعنوان "هجرة المفكرين" لبول بيرمان، والذي يتحدث عن رحيل المفكرين الليبراليين في أوروبا وأمريكا وانجراف من يدعون الليبرالية وراء تصنيفات عامة وأفكار لا تمت للفكر الليبرالي بصلة، فيناقش الكتاب دفاع ليبراليين غربيين عن د. طارق رمضان، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد، وهو في الحقيقة شخصية مثيرة وله صيت وتبعية كبيرة في أوروبا، إلا أنه ممنوع من دخول بعض الدول العربية مثل مصر والسعودية لاعتراضه على الأنظمة الحاكمة فيها، إلا أن الكاتب بيرمان يوضح أن د. طارق رمضان في نظر المدرسة الليبرالية (الليبرالية الغربية تحديدا) شخص أصولي لا ينبغي لمعتنقي الليبرالية الدفاع عنه وعن توجهاته وأهدافه بالصورة التي يقوم بها المفكرون والصحفيون حاليا في الغرب، بل يقول الكاتب بأن المدافعين عن د. طارق رمضان قد غفلوا عن الأسس المبنية عليها مدرستهم الفكرية وانجرفوا وراء التقسيمات الحديثة لمفاهيم الليبرالية. وللتوضيح لا يعرف بيرمان الليبرالية بتعريف واحد بل يتحدث عن إيمان الليبراليون بأن للحرية قواعد وأسس عالمية لا تتأثر بالعادات والتقاليد وهي مكفولة للجميع دون استثناء

الغريب أن قراءتي للكتاب تزامنت مع الأحداث الاخيرة في الكويت المتعلقة باستجواب رئيس الوزراء، وقراءة ردود أفعال الكتاب الليبراليون في الصحف الكويتية (جريدة القبس بشكل خاص) جعلني أستشعر رحيل كثير من ليبراليينا في الكويت، أولئك الذين تطلعت إلى مقالاتهم وآرائهم بشغف لألتمس قضايا الشارع الكويتي وآلامه وأنا بعيد عن أرض الوطن، إلا أنني تفاجأت ببعدهم عن الشارع وعدم مبالاتهم بما يحدث حولهم من انتهاكات لكرامة الشعب، ابتداء من تعاميهم عن محاولة الحكومة استغلال ثغرات في الدستور لضرب الديمقراطية، إلى صمتهم عن الدفاع عن حق الحصانة الشرعية في قضية النائب فيصل المسلم، وانتقالا إلى تهميشهم للانتهاكات الحكومية التي وقعت في ديوان الحربش وكل الممارسات القمعية المخالفة لأساسيات الليبرالية التي قامت بها الحكومة.

لعل من الصعب الطلب من الأساتذة الأفاضل اتخاذ موقف حازم وطلب التحرك منهم، إلا أن المفاجأة تكمن في رفضهم النقاش الجدي حول الأحداث الأخيرة وتفضيلهم اتباع حجة “خل العجلة تسير” و”كفى تأزيم”، كما بدا للقارئ ارتياح ضمائرهم لما حصل من انتهاكات، بل الأغرب من ذلك انجراف بعضهم وراء مناقشة أمور جانبية كانت تحدث أثناء الهجمة على الدستور كمنشور الحجاب في جامعة الكويت وقانون إطلاق اللحية للعسكريين (وهي قضايا هامة لكن هامشية مقارنة بالانتهاكات الدستورية محل النقاش)، بل إنني على يقين أن البعض من الكتاب شعر بالارتياح للعودة إلى العراك القديم مع مدارس الفكر الإسلامي لكي يتجنب الكتابة والتفكير في انتهاك الحريات والكرامات وعلاقة الحكومة بالفرد التي هي أساس الليبرالية.

مما لا شك فيه أنه يوجد اختلاف فكري كبير بين المدرسة الإسلامية والمدرسة الليبرالية، إلا أنه في الآونة الأخيرة نلاحظ أن كثير من الكتاب الليبراليين في الكويت باتوا يقتصرون على معارضة الأجندة الإسلامية لا أكثر (وهي أجندة لا أتفق أنا أيضا معاها)، إلا أنني أخشى تحول التفكير الليبرالي من مدرسة مبنية على دراسة العلاقة بين الحكومة والحريات الشخصية إلى أداة شغلها الشاغل الرد على أجندة غيرها.

لربما كان من الأفضل ان نبارك التحالف الإسلامي- الليبرالي الذي حصل مؤخرا في الكويت، وهو بالواقع أصبح متواجدا في كثير من الدول المجاورة، ففي مصر يعمل الإخوان المسلمون مع اليساريين والأقباط لأن ما يجمعهم أكبر من ما يفرقهم، ولقد شهد مجلس الشعب السابق في مصر تعاونا غير مسبوق من قبل الإخوان المسلمين مع نواب أقباط ويساريين، والتحالف الإسلامي- الليبرالي أصبح أيضا واضحا في لبنان بين حزب الله وحزب وليد جنبلاط من جهة، وبين حزب ميشيل عون من جهة أخرى، الحال ذاته في إيران مع تحالف موسوي مع كروبي، كما أن السيد مقتدى الصدر أبدى مؤخرا رغبته في دعم الحكومة في العراق وأثنى على دورها وأنه يتطلع للتعاون معها.

الذي يحدث في العالم العربي ليس بعيدا عن الكويت، الإسلاميون في كل مكان أدركوا دور الديموقراطية وأهميتها في للحياة السياسية، فمن كان يرى بالأمس أن الديموقراطية ومجلس الأمة بدعة أصبح اليوم يؤمن بها كأداة يمارس من خلالها حقوقه، فالممارسة الديموقراطية السليمة جعلت من الإسلاميين دستورين، وكلنا نذكر أول انتخابات شاركت بها المرأة الكويتية، ونذكر تكريس النائب وليد الطبطبائي ما لا يقل عن سبع ندوات خاصة بالسيدات لكي يحصل على أصواتهم، هذا لأنه ادرك اهمية الديموقراطية وأهمية مواكبته التغيرات لكي يفوز.

هذه التغيرات التي طرأت على الجماعات الإسلامية الناتجة عن إدراكها للديموقراطية وأهميتها يجب أن تستقبل بترحيب (ومراقبة) من قبل الليبراليين، فلا ينبغي علينا أن ننتقد التحالف بل يجب أن نسعى من خلاله للدفع بالمزيد من الديموقراطية، كمراجعة قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع كخطوة أولية (وكم أتمنى إلغاءهم بالكامل)، بعد ذلك يصبح دور المفكرين الليبراليين خلق حوار ونقاش بناءين مع عقلاء الفكر الإسلامي والإبتعاد عن دوامة الاحتقان الحاصلة في الوقت الحالي.

ما أدعو له هو أن نكف عن النظر للتحالف بين النواب الوطنيين والإسلاميين في مجلس الأمة على أنه يمثل تخلي الليبراليين عن مبادئهم، بل لننظر إليه كاعتناق الإسلاميين للديموقراطية والدستور، ففي ذلك فرصة لا تعوض للدفع بالنقاش الفكري البناء باتجاه مجتمع ونظام سياسي أكثر ديموقراطية.

أعتقد أننا لو عدنا إلى السيد بيرمان فإنه سيصنف إسلاميينا في الكويت كأصوليين، وينتقدهم كما ينتقدهم الليبراليون العرب، إلا أنني اعتقد ان السيد بريمان يدرك اختلاف الظروف السياسية بين العالم العربي وأوروبا، بل أعتقد أيضا انه سوف يبارك التحالف الإسلامي- الليبرالي في الكويت، لأن الواقع يشير إلى أن الساحة الفكرية العربية تشهد تغيرات كبيرة، خصوصا في التيارات الإسلامية، فهي في اعتقادي أصبحت أكثر إدراكا لفكرة المجتمع المدني وفكرة الدولة الحديثة، وبالطبع لن يكون المشوار سهلا على الليبراليون فهم عليهم قيادة مسيرة النقاش ووضع الركائز والأسس لقيام دول ديموقراطية، ولا شك أنهم سيواجهون معارضة قوية من بعض الجماعات الإسلامية التي لاتزال متشبثه بالأصولية، إلا أنه في هذه المرة يقف بجانب الليبراليين قوى لا يستهان بها من الإسلاميين الذين صاروا أقل أصولية وأكثر مدنية بفعل الممارسة الديمقراطية.