Thursday, September 30, 2010

إلى مبارك الدويلة مع التحية



في هذا عام أشارف على الإنتهاء من دراستي في المرحلة الجامعية فققرت أن اسجل مادة الأدب العربي في الجامعة وهي مادة تدرس لأول مرة في جامعتي العزيزة، فدخلت على الفصل لإجد المدرس شاب من العراق حاصل على الدكتوراة من جامعة نيو يورك في الأدب العربي، وحين وجهت له سؤال حول إقتناء الكتب في اللغة العربية دار بيننا حديث حول صعوبت الحصول على بعض الروايات المطلوبة فهذه ممنوعة بالسعودية وتلك منعت من مصر والكاتب الفلاني رحل من وطنه فقال لي ربما احصل على الكتب في الكويت، فجاوبته بأنني لا أعتقد ذلك فقانوننا الجديد ليس فقط يمنع الكتب التي تنتقد الكويت بل السعودية و مصر وكل الدول الشقيقة كذلك ناهيك عن الكتب التي تمس المعتقدات الدينية والتي تزداد رقعتها توسعاً يوماً عن يوم، فضحك على قدر الألم… وبعد أسابيع قليلة على مضي الدوام الدراسي وصلتني أخبار عن منع المزيد الكتب عن معرض الكتاب السنوي في الكويت وعن منع دخول بعض الكتاب المصرين لكي لا يلقوا محاظراتهم… في حركة تبدوا لي أنها لتجنب إنتقاد الحزب الوطني الحاكم في مصر قبيل الإنتخابات المزعم عقدها العام القادم… ولا يبدوا هذا الأمر بالغريب، فالمتابع للشأن المحلي يدرك أن الحكومة الكويتية أصبحت في الأونة الأخيرة تتبع إسلوب جديد في الرقابة وهي سياسية المنع، فقضية الكتب الممنوعة ليست بالجديدة إنما عدد الكتب الممنوعة تتزايد عام بعد عام و عدد الدور المشاركة في معرض الكتاب تقل عام بعد عام، الجديد في الموضوع هو إنتقال المنع إلى المفكرين، ففي العام الماضي تم منع المفكرين العرب من مختلف المدارس الفكرية من دخول البلد وكل يوم تتحجج الحكومة بحجة جديدة إلا وأنه واضح أن السبب الرئيسي يكمن في عدم رغبة الحكومة في التعامل مع أي رأي مخالف للوضع العام سواء كان الوضع العام مستقر أو لا
المحافظة على الوضع العام= maintaining the status-quo
وبعد هذه المقدمة الطويلة ما يعيدني إلى الكتابة بعد إنقطاع طويل هو مقال للسيد مبارك الدويلة في القبس، يقول في عنوانه رضيتم أم أبيتم … شعبنا متدين ومحافظ" وأترك لكم إستنتاج الخلاصة. فما أثار حفيظتي هو مخاطبة السيد الدويلة لما أسماهم اللبرالين والذي في إعتقادي أصبحوا ينعدون على أصابع اليد الواحدة (خصوصاً بعد جولة عزرائيل الأخيرة بالمنطقة)… فيقول السيد الدويلة في رسالته "ان مواقفكم من منع الكتب فضحت لديكم نفسية الحقد الدفين على الظاهرة الدينية والكره الشديد للارث التاريخي للتقاليد الاسلامية وثوابت العقيدة، فاستروا على ما تبقى لديكم من سمعة طيبة واحترام الاخرين لكم." فإسمحوا لي أن أوضح بعض الأمور التعليق في رد بسيط لالسيد مبارك الدويلة. فاللبراليون في الكويت من بعد تفكك القومية الغزو العراقي لم يعد لديهم قوة وبالأصح "إنهد حيلهم" فهم الأن مجموعة من الناس يعارضون التيارات الإسلامية لا أكثر، وهم بحاجة لعملية جراحية طويلة تعيد لهم ما فقدوه من بعد نظر وتخطيط وبرنامج عمل. وأقدر للسيد الدويلة إعتقادة بوجود تيار لبرالي متاكمل و "صاحي"… إلا و أنني أستغرب إسلوب السيد الدويلة في التفكير والتحليل لعل ذلك بسبب رضا الحكومة على الأخوان المسلمون أو لأن كتب الإخوان لم تمنع بعد (صدقني يا سيدي سيأتي يوم وتمنع إن لم نتحرك سوياً)… فالسيد الدويلة يقول أن اللبراليون لهم حقد دفين على الظاهرة الدينية وأن منع الكتب أمر مقبول وصحيح لأن الكتب تسيء للمعتقدات الدينية … ومن ثم يقول أن الشعب الكويتي شعب متدين ومحافظ… السؤال الذي لا أجد له إجابة عند السيد الدويلة هو "كيف أصبح الشعب متدين ومحافظ؟" هل أغمض عينيه وسد أذنيه وقال أنا متدين و محافظ؟ أم تدين الناس و محافظتهم ناتجه عن قناعة شخصية بإمانهم، لا تزععها كتب تعرض في معرض الكتاب؟ فمن خلال تحليل مقال السيد الدويلة إتضح لي فلسفته وأتمنى أن أكون خاطئ وهي أن السيد الدويلة يرغب بتحويل المجتمع إلى قطيع من الخراف تمشي وراء الشاوي دون أن ترفع رأسها وتسأل "كيف ولماذا وما السبب". ترى هل يعتقد السيد الدويلة أن الإيمان يأتي بالفرض من الشاوي أو من خلال التفكر و البحث والعقلانية… مما لا شك فيه أنه من حق كل شخص أن يكون غيور على دينه، إلا أن رفضة النقاش والحوار يحرم الناس من إستخدام نعمة العقل في تدبير أمورهم. والغريب في الأمر أن يبدو لي أن السيد الدويلة تناسى قوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل: 125
فأنت يا سيدي الفاضل عندما تسكر الباب على الكتب التي تنتقد الدين و تفسره بطريقة غير التي تعرفها أنت فبذلك أنت تكون أغلقت باب الحوار والنقاش بالتي هي أحسن التي أمرك الله بها. فاللبرالية الحقيقية هي التي تؤمن بإزالة الرقابة عن الكتب و تترك النقاش مفتوح لكل شخص يقول ما في داخله لكي تعم الفائدة. وماذا لو أتاني الرد بالقول اللهم أعوذ بك من علم لا ينفع… فالرد اللبرالي على هذا الدعاء بأن ليس لشخصٍ ما أن يحدد ما هو العلم الذي ينفع والعلم الذي لا ينفع

أما بالنسبة لرقابة الكتب الإباحية والتي تسيء للحكومات والأنظمة فلنا وقفا عندها قريباً إنشاء الله

اللهم أعوذ بك من علم لا ينفع
والسلام عليكم ورحمة الله وبراكته